(٤) مفاهيم الثقافة الثورية الجديدة…خطاب الكراهية وڤايروس كورونا

في ظل تعالي أصوات خطاب الكراهية وإنتشار بث السموم في مواقع التواصل الإجتماعية من حفنة نحسبها علينا، هي مثلها مثل ڤايروس كورونا الذي أصاب العالم بالذعر والهلع. هذا الداء الذي إنتشر كإنتشار النار على الهشيم مصيرة الإنحسار والزوال فور إيجاد اللقاح المناسب له وعندها يصبح مجرد حدث يسجله التاريخ لأخذ العبرة والموعظة.

عندما يتسائل البعض عن الهوية يجب علينا النظر بعمق في ثقافتنا الموحدة والتي تبلورت من خلال عملية إنصهار حضاري إستمرت لآلاف السنين بين السهل والنهر والجبال والوديان. عملية شديدة التعقيد شكلت النسيج المجتمعي لسودان اليوم. لكن مع غياب الوعي التاريخي، يجهل الكثيرين عمق الروابط التاريخية المشتركة التي شكلت عماد أعظم الحضارات الإنسانية في تاسيتي وكرمة ونبتة ومروي. والتي كتب عنها العالم القديم في مدوناته أعظم البطولات وأعلى سمات التطور الحضاري والقيم الإنسانية.

للأسف، الإختلال في المناهج الدراسية وتحديداً في دراسات التاريخ السوداني واحدة من أهم العوامل التي طمست الوعي بالأصول التاريخية والحضارية للشعب السوداني. وعلى النقيض تماماً فقد أصلت للإختلافات الثقافية والإثنية واللغوية بين المكونات السودانية المتعددة وتغاضت عن التاريخ والثقافات والعادات والتقاليد والمفردات اللغوية المشتركة.

إن الفكرة الأساسية في الحراك الثوري ترتكز على نشر الوعي فهي ثورة وعي في الأول والأخير، لذلك علينا معرفة ان السودانيين بإتساع جغرافيتهم وتعدد إثنياتهم وقبائلهم ولغاتهم وتنوع سحناتهم وألوان بشرتهم، إنما هم في آخر المطاف أمة واحدة عظيمة تحمل كم ضخم من الروابط التاريخية ومن التصاهر أكثر مما يعلم الكثيرين.

مع إستخدام المستعمر التركي والإنجليزي لجميع أصناف الأسلحة العنصرية والجهوية لزرع التفرقة بين المكونات السودانية بين عرب وزرقة وأولاد بحر وغرابة وعرب ورطانة لايجب أن نستسلم لهذا التأصيل والتأطير التي وقعت في مستنقعه النخبة السودانية منذ الإستقلال. ومن منطلق حراكنا الثوري يجب أن نحطم كل القيود والمسلمات ونعود لجذور أسلافنا الحضارية التي كان تعددهم وتنوعهم مصدر قوتهم. وعلينا من تدارك دروس ماضينا العريق أبان إمبراطوريتنا الكوشية التي وصلت حدودها القدس واللحاق بركب دول العالم الأول فلا تنقصنا العقول ولا الموارد الطبيعية ولا البشرية لكن ينقصنا لقاح ڤايروس كورونا لنتخلص من نزعات العنصرية ونعرات القبلية والجهوية.

بنحلم بوطن حدادي مدادي، وطن يعيد أمجاد أسلافه ويرجع قوة عظمى. وطن لا يعرف قبلية ولا جهوية ولا عنصرية.

قلم: عمر الحاج

__________________________